إن شئت أن تحيا حياة الصدف الجميلة فتعال ساكنًا في بريدة , فلن تحتاج إلى جهد كي تنال ما تريد أو أغلب ما تريد , فهي مدينة تعيش على هامش المفاجآت , إذ ليس للمجتهد فيها نصيب , ولا أدل على ذلك إلا ما نراه من ذوي المناصب الإدارية اليوم , حيث قعدوا أو أقعدوا بمحض الصدف الجميلة تلك , ولو سألت أحدهم عن أسباب ترشيحه لمطَّـ لك شفته السفلى ليكيل على مسمعك تأريخه المجيد الذي لا يعدو أن يكون لغوًا كما لغو الأطفال بإزاء القياديين حقًّا ! !
مصيبة بريدة أنها تؤمن في أولي القربى مطلقًا , ولا تضع لها معايير تفصل شئون الرحم عن العمل المنتج , فيكفي لأصحاب القرار أن يكون اختيارهم واقعًا على القريب إما رحمًا وإما نسبًا , وثالثة الأثافي أن قياديته أو حسن إداريته آخر ما يفكر به , بل تعظم المصيبة وتزداد حين نرى أولئك المدنين لذوي القرابة يتشدقون بإنجازات ليس لها من اسمها شيء سوى الإعلام المغالى فيه بهتانًا وزورًا , وإن حصلت طامة من سوء اختيارهم رفعوا عقائرهم بتشكيل اللجان تحقيقًا , بينما الإنصاف أن يحقق معهم حين اختاروا من لا يعرف سوى القعود على الكرسي مستديرًا به فحسب ! !
حين نتأمل في طرق بريدة وشوارعها من حيث التخطيط نجد عقلية الجمل التي اكتسبها موظفو المواصلات من أجدادهم , حيث أملت عليهم تلك العقلية بسير الجمل لا بسير السيارة , فتجد الطرق منحنية انحناءً عجيبًا , وأخرى تنتهي بك في طريق مقفلة , وأخرى كأنك راكب ناقة تاقت إلى الجمل فهي تبحث عنه , حيث فاقت المطبات الاصطناعية الأخرى الطبيعية , ناهيك – عزيزي القارئ – عن كثرة الدوارات التي من رآها حسب من أن هنالك سباقًا محمومًا في كثرة تربعها في المدينة ! !
ولست أنسى صبيان المرور الذين استشرى خطرهم , إذ جاز أن أطلق عليهم مراهقي المرور , فلو سأل كل ولي أمر ابنه الشاب عما يعانيه من مضايقاتهم وتحرشاتهم لوجد عنده خبرًا عنهم , والعجيب أن تجد سياراتهم الخاصة مثيلة لسيارات الشباب كي يستميلوهم , بل نجدهم يشاركون في ظاهرة التفحيط بين الشباب تقربًا وتزلفًا لهم ! !
قد يجوز أن أقول إن عماد المدن هي الأمانات الموجودة فيها , وأمانة مدينة بريدة لا تزال حتى اليوم غارقة في استقطاب الميزانيات من الدولة وتخصيصها دون أن نرى عائدًا , فبريدة لا تزال كما هي منذ عقود إلا في أمرين : طريق الملك فهد , وتوسعها شمالاً , فالأول من حظ إدارة المواصلات , والثاني من نصيب البلدية أساسًا , وما عدا ذلك فهو نهب واضح لميزانيتها المخصصة تحت شعار مكرور قد قُتل تكرارًا ألا وهو قولهم ببلاهة : تحسين وتجميل مدينة بريدة ! !
نفد ما عندي , ولعل في القادم أكثر . . .