الفساد الإداري وباء مثله مثل باقي الأوبئة التي تحتاج إلى استنفار كل الأجهزة والإمكانات لعلاجه وكفاحه بالوقت المناسب وإلا فستكون النتيجة انتشاره بين افراد المجتمع والقضاء على فاعليتهم في البناء
كما أن الفساد الإداري سلوك كغيره من السلوكيات السلبية التي تحتاج إلى الإعتراف بوجودها ليتم دراستها وإيجاد المضادات والعلاجات المناسبة لها
ورغم الإعتراف المتأخر بإنتشار هذا الوباء إلا ان المؤسف بأن التحرك لمجابهته وعلاجه كان ضعيفاً إلى درجة عدم التأثير على قدرته بالإنتشار وربما لاتوجد الشجاعة الكافية لإستئصال مافسد من الأعضاء منعاً لها ان تكون بؤرة انتشار وتوسع لفيروسه في باقي الجسد
ماذا لو تم التعامل مع الفساد في بدايته كما تم التعامل مع الإرهاب ؟ هل كان سيستشري إلى درجة ان تحدث كوارث سوق الأسهم او ضعف وزارة التجارة او فضائح هيئة الإتصالات
ماحدث في مدينة جدة ويحدث في غيرها من المدن ليس بفساد ظاهر والإستنفار لمحاسبة المتسببين فيه لن يكون ذا تأثير يذكر على ظاهرة الفساد بعمومها لأن الفساد الحقيقي هو مايتلبس بالنظام ويتخذ السلطة غطاء له فيعبث بالجسد دون ان يحسب له حساب
لا أقلل مما حدث في مدينة جدة وذهب ضحيته اعداد كبيرة من البشر لكن مجرد ان نرى ونسمع التصريح من الجميع على المستوى الرسمي والشعبي والإعلامي بوجود الفساد يجعلنا مطمئنين إلى ذلك فالإعتراف بوجوده إن لم يكن سبباً لعلاجه وبتره فعلى الأقل سيكون سبباً لتوقف انتشاره
لكن الخوف الحقيقي مما حدث في سوق الأسهم من سرقات لأموال الشعب بإسم المضاربة
الخوف الحقيقي من شجب واستنكار وزارة التجارة لرفع الأسعار دون التحرك لوقف ذلك الإرتفاع
الخوف الحقيقي من سكوت هيئة الاتصالات عن سلب شركات الاتصالات لأموال المواطنين وخروجها عن ذلك الصمت عندما قدمت احد الشركات عرضاً لصالح المواطن وكأنها وجدت لتقف ضد المواطن لصالح تلك الشركات !!!
الخوف الحقيقي من تسليم مصير المواطن المسكين إلى تجار العقار وعدم الاكتراث لما يحدث او التحرك لعلاج الأزمة
الفساد الحقيقي الذي يحتاج لحالة استنفار هو مانراه ونلمسه ونعيش تحت وطأته ولانستطيع ان نصرح بإسمه !
كل ماتم التصريح بأنه فساد فهو إلى زوال
فمن يجرؤ على التصريح بأننا نعيش تحت وطأة الفساد ؟!!!
تحياتي وتقديري للجميع ,,,,