هذه مقاطع من مكاشفات الدكتورة عزيزة المانع نشرت في ملحق (الرسالة) بصحيفة المدينة اليوم الجمعة..وفيها القصة الكاملة ..نتوسم في مداخلات موضوعية وبعيدا عن التجريح الشخصي ولكم جزيل الشكر.
من وحي أجواء الحوار الوطني الذي ينادي به قادتنا واهتمام شخصي من لدن سمو الأمير عبدالله, سأفتح معك وربما لأول مرة قضية قيادة المرأة للسيارة، سنسجل ذلك كتوثيق تأريخي للأجيال، المسيرة الشهيرة التي قمتم بها في أوائل التسعينيات، كيف بدأت فكرتها؟
* جاء الموضوع عفويا دون تخطيط، وأذكر أن إحدى صديقاتي أخبرتني أنها عرفت أن مجموعة من النساء ينوين الإقدام على قيادة سياراتهن بأنفسهن وسألتني إن كنت أقبل الاشتراك معهن، فوافقت على الفور. وفي ذلك الوقت لم يكن هناك قانون يحظر على النساء قيادة السيارات وكان الحظر أمرا عرفيا بين الناس، فأردنا أن نقضي على ذلك العرف، ورأينا أن كل ما نحتاج إليه هو أن نبدأ بتعليق الجرس. بعد ذلك بأسبوعين أو أقل، اتصلت بي تلك الصديقة وذكرت أن مكان الانطلاق سيكون من موقف السيارات عند أسواق التميمي في طريق الملك عبدالعزيز مرورا بطريق الأمير عبدالله ثم شارع العليا فشارع العروبة ثم مرة أخرى إلى طريق الملك عبدالعزيز. كان عدد السيارات 14سيارة وعدد النساء سبع وأربعون امرأة، وقد تعمدنا أن تكون في كل سيارة أكثر من امرأة وأن تسير السيارات متقاربة لتحقيق نوع من الأمن النفسي، ولتحقيق الغاية من الخروج وهي أن يتقبل الناس رؤية نساء يقدن السيارات.
عفوا لمقاطعتك, ولكن دكتورة هل كنتن كلكن ممن درسن في أمريكا وحصلن فيها على رخص القيادة ؟
* لا أدري، ولكن من المؤكد أن كل سائقة كانت تحمل معها رخصة قيادة، فقد توقعنا أن توجه إلينا تهمة القيادة بدون رخصة.
وكيف تم إيقافكن؟
* أذكر أن الوقت كان عصرا، والطريق خاليا نوعا ما، فأتممنا الجولة الأولى دون أن يشعر بنا أحد، فقمنا بجولة ثانية على نفس الخط المتفق عليه، وعند عودتي إلى طريق الملك عبدالعزيز رأيت صف السيارات النسائية التي سبقتني وقد أوقفت إلى جانب الطريق وأحاط بها بعض سيارات المرور والهيئة، فسالت زميلتي في السيارة حصة آل الشيخ: ما رأيك ياحصة، هل نواصل السير أم نتوقف مع الموقوفات؟ فكان رأيها أن نقف معهن، فتوجهت بالسيارة ووقفت في صف السيارات الواقفة. كان بإمكاني العودة إلى البيت فلم يوقفني أحد، لكني لم أفعل، لأني كنت وما زلت لا أرى نفسي أمارس خطأ أتنصل منه، فأنا لم أرتكب محرما، ولم أعص قانونا تفرضه الدولة.
وماذا حدث بعد ذلك؟
* بعد دقائق من إيقافنا طلب منا التحرك بالسيارات للوقوف في مكان آخر، فقدنا سياراتنا تشق لنا الطريق سيارات المرور إلى أن وصلنا مكانا خاليا فطلب منا التوقف عنده. وهناك أمرنا بالتخلي عن مقعد القيادة والجلوس في المقعد الخلفي وتولى قيادة كل سيارة شرطي ركب إلى جانبه رجل من الهيئة، ثم قيدت السيارات ونحن في داخلها إلى مركز شرطة العليا. كان رجال الشرطة بلا استثناء مهذبين في التعامل معنا، أما رجال الهيئة فقد تفاوتوا في سلوكهم، وكانت تجربة راكبات كل سيارة تختلف عن الأخرى، فبعضهن ذكرن أنهن اضطررن طيلة الطريق إلى سماع أقذع الشتائم والصفات تصب عليهن من الرجل الراكب معهن، وبعضهن ذكرن عكس ذلك. وبعد أن وصلنا إلى مركز الشرطة جمعنا في غرفة صغيرة لا تتجاوز مساحتها 12مترا، وكنا سبعا وأربعين امرأة، ثم بدأ استدعاؤنا للتحقيق، وبقينا في ذلك المكان إلى فجر اليوم التالي حيث طلب منا كتابة تعهد بعدم قيادة السيارة أو الركوب في سيارة تقودها امرأة، وبعدها تمّ صرفنا. في صباح ذلك اليوم ذهبت إلى الجامعة وأعطيت محاضراتي كالعادة، وكان الجو العام هادئا وطبيعيا، لكن في اليوم التالي زارتني في مكتبي مجموعة صغيرة من الطالبات وقلن إنهن يردن مناقشتي في أمر (السواقة) فاستقبلتهن وتحدثنا سويا حول الموضوع وشعرت أنهن أقرب إلى فهم الأمر وتقبله أكثر من رفضه. وفي مساء ذلك اليوم نفسه هاتفتني عميدة مركز الدراسات الجامعية للبنات آنذاك، الدكتورة خيرية السقاف وذكرت أن المدير طلب منها أن تخبرنا بعدم الحضور إلى الجامعة إلى إشعار آخر. بعد تلك المحادثة انقطعت صلتنا بالجامعة لكن الأخبار لم تنقطع، فقد قيل إن هناك من يحرض الطالبات في الجامعة ضد السائقات ويدفع بهن إلى إثارة الشغب في مركز الدراسات احتجاجا على ما حدث. كان شغب أولئك الطالبات جزءاً من شغب أكبر عم المجتمع كله، فقد أصيب بعض الناس آنذاك بسعار تكفيري للسائقات وأقاربهن ومن يؤيدهن، بل لكل من لا يجرمهن، حتى كاد لا يبقى مسجد في الرياض وغيرها من مدن المملكة إلا وقد اكتظ بالمطبوعات وأشرطة الكاسيت والخطب التي تكفر أولئك النساء وتخوض في شرفهن وعفتهن زورا وبهتانا، بل وتستعدي الآخرين عليهن وتهدر دمهن ودم أقاربهن الذكور. كان واضحا أن هناك من هو مستفيد من إيقاد تلك الفتنة التي تدثرت برداء من الحرص على حماية الدين والأخلاق لتخفي في باطنها أغراضا أخرى غير ذلك.
كم كانت مدة إيقافكن عن العمل؟
* بقينا مفصولات سنتين وثمانية أشهر.
* كيف تقبلت الأمر؟
* رغم أن الفصل من العمل كان قاسيا، إلا أني تعودت أن أجتهد في التكيف مع المواقف التي لا أستطيع تغييرها. وفي الشهور الأولى استسلمت لشيء من الركود طلبا للراحة واستعادة التوازن النفسي، فقد كنت حاملا بابني رواح وكنا جميعا مرهقات نفسيا من الحملة الظالمة التي شنت علينا، فكان لابد لنا من فترة نقاهة تريحنا. بعد ذلك أنجبت أصغر أولادي رواح عام 1991 وأظنه كان محظوظا أنه ولد في تلك الفترة التي كنت فيها مفصولة من العمل فقد جعلني ذلك أتفرغ تماما للاعتناء به. إلا أني رغم فرحي وانشغالي بمولودي الصغير كنت أشعر بقدر كبير من الفراغ النفسي، فقد اعتدت منذ الصغر أن أكون منتجة دائما وبقائي في البيت مقتصرة على إدارة شئون الأسرة لم يملأ لدي ذلك الفراغ، فمضيت أشغل نفسي بإعداد بعض الدراسات التربوية في مجال تخصصي واستطعت خلال تلك الفترة أن أنشر بعض الأبحاث العلمية التي ساعدني نشرها آنذاك في الحصول على الترقية إلى درجة أستاذ مشارك بعد عودتي إلى العمل. ثم خطر لي أن أجرب مخاطبة الناس عبر الصحافة إن لم استطع مخاطبتهم عبر قاعات المحاضرات، فكتبت في صحيفة اليمامة زاوية أسبوعية أظن كان اسمها (هواجس)، ثم عرض علي الكتابة في عكاظ ضمن زاوية أسبوعية جديدة بعنوان (صوتها) وكانت تتناوب على كتابتها مجموعة من الكاتبات، فالتزمت بالكتابة في هذه الزاوية أسبوعيا إلى جانب زاويتي في مجلة اليمامة. ومع مرور الوقت اكتشفت في نفسي أمرا كان خافيا علي، وهو أني أجد متعة نفسية في الكتابة، فتحولت إلى كتابة زاوية يومية في عكاظ وأوقفت زاويتي في اليمامة وما زلت أكتب فيها منذ تلك الأيام.
ذكرت في بداية حديثك أن أمر اشتراكك في زمرة السائقات للسيارات كان عفويا، اسمحي لي دكتورة وأنت الأكاديمية، هل تريدينني أن استوعب أن هذا الحدث الذي هز المجتمع من أوله لآخره والذي يحدث لأول مرة في تاريخه كان نتيجة تصرف عفوي وبدون أي تخطيط.. لكأن الأمر يحتاج منك إلى إعادة نظر؟
* لست أنت وحدك الذي تستغرب ذلك ولا تريد أن تصدقه، ففي قسم الشرطة أيضا كانوا مصرين على أن (الأكاديميات) هن القائدات والمنظمات والمخططات، وكأنهن يرون أن الأكاديميات لا يصلحن إلا أن يكن كذلك.
عفوا مرة أخرى، ولكنها مفاجأة جديدة أتحفتنا بها الليلة بأن..
* عزيزة المانع، يخطط لها ولا تخطط! (قالتها ضاحكة).
نعم، أتيت إليك في هذه المكاشفة باعتبارك العرّاب الأول لتلك المسيرة وتفاجئينني بأن الأمر مجرد اتصال هاتفي فقط، وأنك لم تتوقعي أبدا هذه الضجة، وأنك كنت واحدة من المشاركات فقط ولم تكوني ضمن المخططات للمسيرة ؟
* هذه الحقيقة، ويبدو أنها تخالف تخيلاتك وتخيلات كثيرين غيرك لذا تجد صعوبة في التصديق. وأحب أن اهمس لك بشيء، عندما أريد التخطيط لأمر ما، فسوف يكون تخطيطي لأمر أكبر من مجرد قيادة السيارة، فطموحي للنساء أكبر من ذلك بكثير.(....)
-ياساتر..يالطيف.. والله انك مخيفة(مبتسما) هل تكرميني بأسماء من شاركن في المسيرة وخططن لها؟
* لا أعرف من خطط، ولم يهمني في يوم أن أتقصى لأعرف من هي صاحبة الاقتراح أو من تتبناه. بالنسبة لأسماء المشاركات فهن كثيرات يبلغ عددهن سبعا وأربعين اسما بينهن أكاديميات وطبيبات ومعلمات وطالبات وربات بيوت. وقد أعلنت أسماؤهن وأسماء أزواجهن عبر ما تم توزيعه على الناس من مطبوعات وكاسيتات.
ما زلت أطمع بتوثيق شخصي منك دكتورة عن هاته الأسماء إن لم تمانعي..
* كان من بينهن د. عاشة المانع ود.سهام الصويغ، ود. نورة أبا الخيل، ود. فوزية البكر، ود.سعاد المانع، ود. منيرة الناهض، ود. هند الناهض، ود. بدرية الناهض. ود. الفت فودة، ود. نضال الأحمد والأستاذات مديحة العجروش، وسلطانة البكر، ومشاعل البكر، ووفاء المنيف، ومنيرة القنيبط، ومنيرة المعمر، ومنيرة الكنعان، وحصة آل الشيخ، ونورة الصويان، ونورة العذل، وفوزية العبدالكريم، ووداد السنان، وجوهرة المعجل
أؤكد لك أن عديدين ستلجمهم هذه المفاجأة، ولكن في المقابل دكتورة ونحن إزاء مفاجأتك المذهلة، أحتاج دكتورة عزيزة وأطمع منك بتفسير حول تصوير المسيرة من قبل CNN وغيرها من القنوات العالمية، وكيف تفسرين التواجد الكبير للسفارتين الأمريكية والبريطانية وقتها ؟
* أنا شخصيا لا أعرف أن أحدا من تلك السفارات كان موجودا، ولكن على أية حال، عندما تعلن سبع وأربعون امرأة نيتهن في الخروج لقيادة سياراتهن بأنفسهن بدلا من السائق، ويتفقن في تنفيذ ذلك على مكان معين وساعة محددة، فإن ذلك لا يكون سرا، ومن المتوقع أن يعرف به أصحاب الاختصاص الذين يقتضي عملهم أن يكونوا موجودين في مواقع الأحداث. وقد عرفت فيما بعد أن صالح العزاز، رحمه الله، كان موجودا ضمن المصورين وأنه سجل الموكب بكاميرته فكلفه ذلك حريته شهورا طويلة. ............ يدهشني كثيرا حديثك هذا يادكتورة،اعذريني..لم أستوعب بأن الأمر تمّ بهذه العفوية، أصارحك بأن الكثيرين يظنون بأنك المخططة والمنظّرة، ولطالما ربطوا المسيرة بك؟
* ربما هم يظنون ذلك لأنهم يعرفون عني كثرة الحديث عن حال المرأة في المجتمع واهتمامي في أن يناله شيء من الإصلاح. والناس لا يلامون على ظنهم، لكنهم يلامون عندما يتعاملون مع الظن على أنه حقيقة.
هنا دكتورة. ألا تعتقدين أن ما قمتن به هو نوع من الانتهازية السياسية واستغلال ميكافيلي للظرف السياسي والمجتمعي العصيب الذي كانت تمر به الدولة؟
* الأمر كما أراه كان وليد الظروف الاجتماعية آنذاك، فخلال ذلك العام كان شبح الحرب يهدد المنطقة وقد تسبب ذلك في مغادرة بعض الخدم والسائقين للبلاد، إضافة إلى أن بعض الناس كانوا راغبين في التخلص من سائقيهم وخدمهم خوفا من أن تتكرر معهم تجربة الكويت أيام احتلال العراق له وما تعرض له بعض الكويتيين من غدر وخيانة بعض خدمهم. ويمكن القول إن مثل هذه الظروف هي ما أثارت حماس النساء لتجربة سياقة السيارة بأنفسهن بدلا من السائقين.
تكثر الشائعات، بطبيعة الحال، في مثل هذه الأزمات. وسؤالي للتأريخ, هل تعرضت حقا لأي نوع من الأذى خلال التوقيف؟
* أثناء التوقيف، لا، وإنما الأذى وقع بعد ذلك، عندما انطلقت الألسن تخوض في حديث الإفك، وتتبارى في قذف السائقات بلا خوف من الله. وشعرت تلك الأيام أني قد سببت كثيرا من الحرج لأخواني ولأفراد عائلتي الذين وقع عليهم الأذى دون ذنب منهم، فأنا حين قررت الخروج لسياقة السيارة لم أستشر أحداً سوى زوجي، الذي أيدني في ذلك ووقف إلى جانبي يسندني فيما بعد.
دعينا نتوقف عند بعض المنشورات التي وزعها معارضوكم بعد مسيرتكن، وما ستقولينه توثيق تأريخي دكتورة, فإحداها قالت بأن بعضكن ألقين بالعباءات وكن يرددن بغيظ نريد الحرية أو بعبارات قريبة من هذا. أود الاستفسار منك وأنت شاهدة على ذلك التاريخ ؟
* من الغريب أن مثل هذا البهتان والافتراءات كان يصدر من قوم يزعمون أنهم ينكرون سياقة المرأة للسيارة حفاظا على الدين وحماية للأخلاق. فبين كل ما أطلق من منشورات لا تكاد تجد منشورا واحدا يخلو من الكذب وتشويه الحقيقة. بل إن بعض تلك المنشورات كان لا يتورع فيها راوي الخبر من الحلف كذبا بأنه (رأى بأم عينه) السائقات (يلبسن الشورتات) أو (يرقصن في مركز الشرطة) أو ما شابه ذلك من السخف الذي غايته (تجريم) السائقات زورا لإثارة الشغب في المجتمع.
(مقاطعا) ولم يك ثمة قذف للحجاب والدهس عليه، وتكرار ما فعلته هدى شعراوي؟
* أظن أن الذين شاهدوا الفيلم الوثائقي الذي بثته محطة CNN رأوا السائقات منقبات أثناء قيادتهن السيارات. فكل ما قيل في هذا الشأن مجرد أكاذيب وهي قد ..
جعلت الناس تغلي وتتوتر..
* هذا صحيح. وكانت السائقات كبش الفداء، فقد استغل بعض أصحاب الأهداف السياسية ذلك الحدث ليجيروه لخدمة أغراضهم مستغلين اسم الدين، فصوروا قيادة المرأة للسيارة وكأنها قيادة إلى الوقوع في الرذيلة، ثم صوروا الدولة وكأنها ترعى وتحمي ذلك. ورغم أن الدولة فصلتنا من أعمالنا كنوع من التأديب، إلا أنهم تجاهلوا ذلك واستمروا في حملتهم الهجومية، حتى بلغ بهم الأمر أن تضمنت بعض منشوراتهم تعرضا لأمير الرياض نفسه مصورين الجهات الرسمية راعية للفساد، ومن الواضح أن تلك الحملة الظالمة لم تكن صادرة عن أفراد عاديين وإنما كانت هناك قيادة تديرها وتؤججها مستغلة سذاجة الكثيرين وعاطفتهم الدينية لتوظفها فيما يخدم أغراضها السياسية.
سأحاججك هنا دكتورة..تقولين حول ردة الفعل الشعبية تجاه المسيرة أن بعض الفئات حاولت استغلالها وأججتها دينيا بصورة غير مبررة. ولكن سؤالي يستفسر منك عن موقف بقية الشرائح المجتمعية والتي استنكرت تلك المسيرة بدورها أيضا ولم يكن الأمر قاصرا على المتدينين فقط كما توحي إجابتك؟
* نحن لم يزعجنا أن بعض الناس لم يتقبلوا أمر سياقة النساء للسيارات، فلكل منهم الحق في أن يقبل ما يشاء ويرفض ما يشاء مما يرى فيه خيرا أو شرا، ما أزعجنا هو التعدي علينا زورا وبهتانا، فما نسج عنا من قصص وأكاذيب، وما ألصق بنا من تهم وضيعة هو ما كان مؤلما بالنسبة لنا. من جانب آخر، من المستبعد في مثل ذلك الوضع المضطرب المليء بالغضب على السائقات ومن يؤيدهن، أن تجد من يقف مجاهرا بتأييده لهن فيعرض نفسه للأذى كما تعرضن. لهذا فإني أفترض أن المؤيدين التزموا الصمت، ومن يصمت لا يشعر بوجوده أحد. وبقي المجال خاليا لترتفع فيه الأصوات المعارضة وحدها، وحتى هذه الأصوات المعارضة، لم تكن كلها تنطلق في معارضتها من اقتناع بعدم صلاحية سياقة المرأة للسيارة، وإنما هي في بعضها كانت تعلن ذلك تزلفا وتلبسا برداء الصلاح والتقوى، الذي جُعل من يؤيد سياقة النساء عاريا منه.
دكتورة.اسمحي لي بسؤال خاص.. الآن.., في هذا الوقت تحديدا، هل ستوافقين في ما إذا كررت الدعوة لك على المشاركة في مسيرة مماثلة ؟
* لقيادة السيارة؟
نعم
* لا أعتقد، فقيادة السيارة، كانت بابا واحدا من أبواب كثيرة مغلقة في وجوه النساء، وقد جربنا طرق ذلك الباب، وأمامنا أبواب أخرى غيره ما زالت مغلقة في حاجة إلى أن تطرق. .........