أذكر جيداً أمر لا أفهمـه , وهو أني إذا أخطـأت فأن ملاذي عادةٍ هو ظهر أمـي ... أفرّ عن من يريد معاقبتي
إليهـا و كانت أمـي لا تستمع لمحاولة تبريرهم لمعاقبتي , بل تظل تدافع عـني و تمنعهم من إيذائي ..
و لكنها .._ أي أمـي_ ..كانت تضربني و أنا لم أرتكب أي خطأ ..!! أو إذا كان.. فأنه أمر تافه لا يستحق العقاب ...
و لكنها كانت تقوم بهذا , عندما تكون في حالتين ...عندما تغضب من أبي ..!! أو عندما يملئنها كمداً أولئك النســوة
....كانت تضربني ...ثم مـا ألبث أن أبكـي .... فتبكي معـي و تذهـب بعيداً متوارية خـلف دموعها....
هي تضربني .....و هي تبكي أيضــــاً ..!! أمر لم أكــن أفهمـــه .....
و كانت طريقة معاقبة أمــي لي هي أن تقرصني أو ( تقبصني ) من أعلى ذراعيّ بـ كلتا يديها ,
و أنا أقف على رؤوس أصابعي من شـدة الألم و اتوسلها بأن تكـف ... ثم بعــد ذلك يبقى محل عقابها بقـع زرقـاء
... أذكــر مرة أرادت أن تغيـــر ملابســي فــرأت تلك البقـــع ..
فتألمت و بكـت ....و لكنها لم تعتذر و لم تبين لي سبب قيامهــا بذلك و لا سبب بكـــاءهـــا...
و كان آلم شيء بالنسبة لي هو بكــاء أمي المستمر .كنت إذ ما رأيتها تبكي ألوذ بأغطية فراشي و أتظاهر بالنوم
. و لكني كنت أبكــي ..و كانن تلك النسوة ينغصن حيـاة أمي كثيرا ...
...من الكلام الذي كنت التقطـه من اغتيابهن لأمي ... كانن يقولن أن أبي يدلل أمي كثيراً ..!!
رغم أن أمي حزينة على الدوام , و أبي لا يفتأ عن بسط حزمـه و صرامته على أمي و على بقية البيت .
كان إذا حدث أمر مـا , و ما أكثر الأمــور التي تحــدث ...كانت تذهب و تشكوا لأبي ...
و لكن أبي كان يضعها في احتمالين... لكي يتحاشى شكواها , أما أن هي المخطئة ..أو أنها هي المخطئة.
فلا يسمع كلامها أبداً , فتلوذ أمي بخيبتها ..و كنت اتعاطف كثيراً معها ضد أبــي ..
كونهـا تبكي .. و أبي لم أراه يبكـي قط.... فكان ذلك الأمر مدعاة لي لأرى طيبتها المعجونة بضعـف ..
.. و قوة أبي المهيبة ترهبني , و تجعلني أظنــه دائمــاً قــوي لا يستحق التعــاطف
و كون أمـي تريد أن يسمع لها أحد فإذا فار التنوـر تلجــأ دائماً لأمهــا .._ أي جدتي _ و تبث شكواها إليها ..
كنت أفهم هذا حينما يتساررن هي و جدتي ,فحينما أراهن يتهامسن و أرى تعابير أمي الجزعـة ,
ووجـة جدتـي المتعـاطف . أفهــم أنهــا تشكوا إليهــا أبــي ,
كان هذا أمـر من الأمور القليلة التي أتحــامل فيها على أمــي . و أشفق بهـا على أبــي ..
لا أمارس العب مع أقراني حينهـا . بل ينتابني الم في بطني . ربما هو الم أتصوره أنا
و لكنه يبقى حجة لي لكي لا العـب , و أذوي في مكان قصي . و أغوص بألمي ...
من الأشياء الذي يجهلها الكبار عندنا , أنهم يظنون أن الصغار مجرد دمى ...
فلا هم يطلعنهم على الأمور و يشرحونها لهم .. و لا هم يبقونهم بعيدين عنها ...
فيلوثون بمشاكلهم , تلك القلوب الصغيرة . فـ تظل فزعـة قلقـة ...
لكـم سأعـود ,,
.